تصريحات لعطوفة رئيس ديوان المحاسبة السيد عاصم حداد

تقرير صحيفة "الرأي" عدد اليوم حول وجود تجاوزات مالية في دائرة التأمين الصحي تضمن تصريحات لعطوفة رئيس ديوان المحاسبة السيد عاصم حداد

الرأي:

ثارت فاجعة مستشفى السلط الجديد ردود فعل رسمية وشعبية غاضبة، أقيل إثرها وزير الصحة نذير عبيدات، وأوقف ثلاثة عشر مسؤولا من موظفي الوزارة، ما يطرح سؤالا مشروعاً يتمحور حول دور الرقابة الداخلية عن مثل هذا التقصير؟.

ونصت المادة 4 من نظام الرقابة الداخلية وتعديلاته رقم ( 3 (لعام 2011 على «إنشاء «وحدة رقابة داخلية» تتولى الرقابة والتدقيق الداخلي للمعاملات المالية والإدارية والفنية وفقا لاحكام هذا النظام والتعليمات الصادرة بمقتضاه، ويرتبط رئيس وحدة الرقابة الداخلية في الدائرة بالوزير المختص او برئيس المجلس.

و تهدف وحدة الرقابة الداخلية في الدوائر الحكومية الى المحافظة على المال العام والموجودات العامة والتأكد من حسن استخدامها بالشكل الامثل والتأكد من صحة ودقة القيود والبيانات والمعلومات المحاسبية والبيانات المالية و التحقق من فاعلية العمليات المالية المتبعة وكفاءتها وحماية الموارد المالية والاصول من سوء الاستعمال وتقديم تقرير شهري كلما دعت الحاجة عن اعمال الرقابة الداخلية والانجازات والملاحظات التي لم تصوب الى الوزير المختص أو المجلس، على أن يقدم تقرير مماثل للوزير خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة التالية ? إعداد دليل اجراءات التدقيق المالي ورفعه للوزير للمصادقة عليه.

وزارة الصحة تعد من أكبر الوزارات، وليس من السهولة متابعة شؤونها ومهامها وإداراتها في ظل وجود اكثر من 20 مديرية و32 مستشفى وأكثر من 1300 مركز صحي في أنحاء المملكة، فضلا عن المشاكل والمطالب والتوسعات والعطاءات وغيرها من المهام الأخرى.

الرأي التقت عددا من المسؤولين في الوزارة أكدوا أن الرقابة الداخلية فاعلة، لكنها تحتاج إلى ضعف عدد الموظفين حاليا في الجهاز الرقابي نظرا لضخامة الهيكل الإداري للوزارة.

وأضاف مسؤولون طلبوا عدم نشر ذكر اسمائهم أن كثرة الوزراء المتعاقبين على وزارة الصحة قد انعكس سلبا على ثبات القرارات.

وطالبوا بإتخاذ عدد من الإجراءات أبرزها اجراء تنقلات بين المدراء كل ثلاث سنوات وتعيين المدراء بكفاءة الخدمة والأقدمية والمهنية.

وحول ما تحتاجه الوزارة لتطوير عملها قالو إنها تحتاج الى ارشفة الكترونية لكافة نشاطاتها وانجازاتها بصورة يومية ومعرفة ما استهلك والايرادات والنفقات،اضافة إلى معرفة أية مستهلكات طبية وادارية بصورة شفافة وواضحة واضحة لجميع الجهات ذات العلاقة.

وطالبو بأن لايقتصر عمل المساعدين للأمين العام والمدراء في الوزارة على الأعمال المكتبية، بل التركيز على العمل الميداني اليومي في متابعة شؤون المستشفيات الحكومية والمراكز الصحية ومراقبة عملها على مدار الساعة وتقديم تقارير بمطالب هذه المستشفيات ومعالجة أي اخطاء والوقوف عليها وإيجاد الحلول الناجعة وتفعيل الحوافز للموظفين المتميزين ومعاقبة المقصرين.

وكشف تقرير ديوان المحاسبة لعام 2019 / 2020 العديد من المخالفات المالية والإدارية التي تتعلق بوزارة الصحة، والمكونة من 25 صفحة تعلقت جميعها بهدر المال العام، وصرف حوافز بدون داع، وعطاءات مرشحات الكلى منها ما هو غير صالح او زيادة الكميات المشتراه عن 50 %ونقص في أموال الصناديق وتجاوزات في تعيين ممرضة، وهي على رأس عملها في أمانة عمان ووجود قطع سيارات في المنطقة الحرة دون استلامها.

ويشير التقرير الى أن هناك 25 سيارة اسعاف متوقفة في ساحة الوزارة دون أي استخدام ووجود محركات لمركبات صالحة تعود لسيارتين مشطوبتين وإسناد مهمات مكتبية لشركة نظافة تعمل بعقد مع الوزارة، وصرف مكافآت، وحوافز لموظفي الخدمة المدنية، وصرف تذاكر سفر لطبيب دون ابراز موافقة رئاسة الوزراء وصرف مكافئة 320 دينارا لموظفة تعمل ضمن عملها الموكول إليها في الوزارة، ووجود 186 الف دينار محجوزة مطالبات لشركة الخدمات الفندقية وشركة مقاولات

وغيرها من المخالفات التي تدل على ضعف الرقابة على مخالفات لم يتم اكتشافها.

وبحسب التقرير هنالك تجاوزات مالية في دائرة التأمين الصحي، حيث بلغت الذمم المستحقة على المشتركين والمنتفعين من بدل تكاليف علاجهم في الخارج لغاية 31 /12 /2018 قرابة 181 الف دينار دون اتخاذ اي اجراءات لاستردادها، اضافة الى تغطية تكلفة غرفة (سويت) مع مترجم لعلاج مريضة في الخارج بقيمة 936 يورو وعلى فترات منذ عام 2012 بدلا من الإقامة بالدرجة الأولى خلافا للتعليمات.

ولم يقف الأمر عند ذلك الحد، بل ذكر التقرير أن هنالك مخالفات أكبر تمثلت في عدم اتخاذ أي إجراءات لتحصيل سلفة مالية مصروفة باسم سفير والبالغة 68 الف يورو لتغطية تكاليف علاج مريض إضافة لعدم تحصيل سلفة 3 الاف دينار لمريض لم يسافر الى بريطانيا، ولم يعالج، اضافة لعدم استرداد سلف صرفت لبعض مدراء المستشفيات لغاية نهاية عام 2018 وقيمتها 77 الف دينار ولم تسدد بالرغم من تقاعد البعض منهم وحصوله على براءة ذمة.

ووفق التقرير لم يتم تسديد سلف منذ 37 عاما بحجة عدم توفر الأسماء الرباعية، وعنوان العمل إضافة إلى عدم تضمين ملفات الذين يتم معالجتهم في الخارج مع أطباء الاختصاص المشار اليهم وفق التعليمات وعدم أرشفة سلف المعالجة في الخارج، ما أدى الى فقدان بعض ملفات سلف العلاج خارج المملكة التي ما تزال عليها مطالبات مالية، ولم يتم تحصيلها ومنها ملفات خلال عام 2019 اضافة لعدم وجود كفيل عند منح السلف للعلاج في الخارج.

وفي هذا الصدد، تبين بعد التدقيق المالي لعام 2018 ان مجموع الذمم المالية المستحقة لصالح التأمين الصحي اكثر من 307 الاف دينار لم يتم تحصيلها إضافة لتحويل 31 الف دينار فوائد بنكية على أموال التامين الصحي إلى حساب واردات التأمين الصحي عوضا عن تحويلها للخزينة بحسب القانون، إضافة لعدم حوسبة التأمين الصحي وربطه مع مديريات الصحة والمراكز الصحية.

وتبين أيضا بعد التدقيق قيام إدارة التأمين الصحي بالسحب من «الوديعة لأجل» ما أدى لخسارة ايرادات تلك الفوائد التي بلغت قرابة 260 الف دينار خلال عامين وتم إيداع 9516 دينارا من إيرادات التأمين الصحي في حسابات المديريات المالية التابعة لوزارة المالية ولم يتم معالجة هذا المبلغ حسب الأصول.

واشار التقرير إلى عدم صحة التسوية البنكية لحساب الإيرادات لدى أحد البنوك وذلك لوجود خطأ في ترحيل مجموع حساب البنك الجاري المدين في دفتر اليومية من صفحة 38 الى 39 حيث تبين أن هناك فارقا كبيرا يصل ل 100 الف دينار.

أحد كبار المدراء قال إن وزارة الصحة بحاجة ماسة لفريق رقابة داخلية يكون مستقلا عن الوزارة، ولديه صلاحيات واسعة في التفتيش والرقابة والمحاسبة وضابطة عدلية تعمل على مدار الساعة.

وأشار الى أنه في حال وجود دائرة مستقلة للرقابة الداخلية ولا تتبع للوزير او الأمين العام فإن دورها سيكون فاعلا.

ولم يخف هذا المدير الذي طلب عدم نشر اسمه أن هناك كفاءات عالية المستوى سطرت انجازات متميزة في اداراتها، غير أنه و خلال السنوات القليلة الماضية تغير الوضع الإداري في الوزارة بسبب العدد الكبير من الوزراء الذين تناوبوا عليها.

من جانبه، لم يخف رئيس ديوان المحاسبة عاصم حداد ضعف الرقابة على كل الوزارات والمؤسسات والشركات العامة والهيئات وغيرها بسبب قلة عدد الموظفين المخصصين للتفتيش على مثل هذه الوزارات، إذ لا يتعدى مجهودنا ورقابتنا عليها أكثر من 50 بالمئة.

وأضاف في تصريح للرأي «لدينا 300 موظف يعمل منهم 150موظفا بسبب الدوام المرن، فهل هذا العدد كاف للرقابة على 24 وزارة وأكثر من 100 بلدية؟. وزارة التربية والتعليم يوجد فيها قرابة 70 مديرية وسبعة آلاف مدرسة وتشعباتها، كما أن وزارة الصحة من أكبر الوزارات وتحتاج الى الية دقيقة وواسعة للرقابة الجدية على الإدارات والمال العام.

وقال حداد «لسد هذا النقص قام الديوان بتبني تحسين أداء وحدات الرقابة الداخلية في الجهات الخاضعة لنظام الرقابة الداخلية رقم (3 (لعام 2011 وتعديلاته من بداية العام الحالي، وأسس دائرة متخصصة في الديوان تحت مسمى دائرة وحدات الرقابة الداخلية».

وأضاف » لتحقيق هذه الغاية قام ديوان المحاسبة وبدعم من رئيس الوزراء ووزير المالية ووزير تطوير الأداء المؤسسي والسياسات بوضع برامج لتحقيق هذا الهدف، وكان أولها إعداد معايير جديدة لتقييم وحدات الرقابة الداخلية بالاستناد إلى أفضل الممارسات الدولية المنبثقة عن معايير التدقيق الداخلي الدولية، حيث تم إقرارها من قبل اللجنة المركزية لمعايير التدقيق الداخلي ليصار الى تعميمها لاحقا ًعلى جميع الجهات الخاضعه للتقييم».

وأشار إلى أنه تم اختيار نخبة من مدققي ديوان المحاسبة لتدريبهم، وبشكل عملي على آلية التقييم بكفاءة وفعالية، وفقاً للمعايير الجديدة ليتم بعد ذلك إجراء التقييم الفعلي اعتباراً من بداية عام 2021 للوصول الى مكامن التحسين في آليات عمل وحدات الرقابة الداخلية وفق افضل الممارسات الدولية وبهدف تحقيق العدالة في التقييم لتلك الوحدات، خصوصا وأن الديوان يعتبر وحدات الرقابة الداخلية خط الدفاع الأول في المؤسسات والدوائر الرسمية في المحافظة على المال العام».

ولفت حداد الى أن البرامج تتضمن اختيار المتدربين وفق أسس محددة لتحقيق الغاية من تقييم وحدات الرقابة الداخلية، حيث سيتم تدريبهم نظرياً وعملياً على أن يتم تدريب مجموعات اخرى على هذا النهج الجديد ووفق الخطة الموضوعة لتطوير أعمال الديوان.

وحول تخصيص مراقبي ديوان المحاسبة للوزارات الكبرى والصغرى، بين حداد أن هناك أولوية للوزارات والدوائر والمؤسسات الكبرى وفق المعيار الفني والجغرافي ليتناسب مع حجم واهمية الجهة التي يتم المراقبة عليهاـ فلايعقل ان نعطي وزارة البيئة والثقافة والشباب والتنمية السياسية افضلية مثلا على أمانة عمان ووزارات مثل التربية والصحة والمالية والخارجية والداخلية وغيرها

وقال وزير الدولة للشؤون القانونية محمود الخرابشة:» يجب أن يكون موظفو الرقابة مستقلين وتابعين إما لرئاسة الوزراء أو لجهة رقابية محددة، وذلك لتحييد وحدة الرقابة وتفعيلها، بحيث لاتكون تبعيتها للوزير وأمينه العام باعتبارهما موظفين في الوزارة».


كيف تقيم محتوى الصفحة؟